المغرب و الجزائرالتصعيد ينذر بمواجهة عسكرية خطيرة
حذر "بيير فرميرن" أستاذ التاريخ المعاصر لمنطقة المغرب العربي بجامعة باريس، من أن استمرار التصعيد وتأزم العلاقات بين المغرب والجزائر ربما يقود إلى مواجهة عسكرية خطيرة بين الجانبين، مؤكدا احتمال حدوث انعكاسات خطيرة على منطقة المغرب العربي جراء هذا الصراع. وقال "فرميرن" في مقابلة مع "فرانس 24"، إن منطقة المغرب العربي ستكون هي الخاسر الأكبر في هذه القصة كونها ستتحول تدريجيا إلى "قوقعة خالية". ورأى أن إعلان الجزائر مؤخرا قطع علاقاتها مع المغرب وغلق مجالها الجوي بالكامل أمام الطيران المغربي (المدني والعسكري)، يؤذن بدخول العلاقات جديدة من التأزم والتوتر. واعتبر أن السبب وراء تفاقم الخلافات بين البلدين يرجع للتغيرات الجيوستراتيجية الجارية بمنطقة الشرق الأوسط في الفترة الأخيرة، والتي تخدم مصالح المغرب أكثر من الجزائر. وذكر المؤرخ الفرنسي أن خلافات المغرب والجزائر معقدة ومتجذرة وأبرزها مسألة السيادة على الصحراء الغربية، ورغبة كل من البلدين بفرض نفسه كأكبر قوة إقليمية. وتابع: "لكن إذا بحثنا عن الأسباب الفورية التي أدت إلى نشوب الأزمة، نرى أن التوقيع على "اتفاقيات إبراهيم" في خريف 2020 بين المغرب وإسرائيل؛ ساهم بدون شك في تذكية النار". وأضاف أنه بموجب هذا الاتفاق تعترف واشنطن بـ"مغربية" الصحراء الغربية، ويمثل ذلك للجزائر "داعيا كافيا للحرب". وأشار المؤرخ الفرنسي إلى أن قضية تجسس "بيجاسوس" التي أثيرت مؤخرا زادت الطين بلة؛ "إذ قد تكون الرباط قد تجسست على هواتف العديد من المسؤولين الجزائريين عبر استخدام التقنية الخبيثة" التي توفرها شركة "إن إس إو" الإسرائيلية. وعن احتمال نشوب معركة عسكرية بين البلدين، قال "فرميرن" إنه لم تقع أي مواجهات عسكرية مباشرة بين الجزائر والمغرب منذ 1963. لكن في حال استمر الوضع على حاله، هناك إمكانية لأن يحصل هذا الأمر "لكن سيكون مأسويا". وتابع: "وخصوصا أنه لا أحد يريد ذلك؛ لأنه لا يخدم مصالح الجزائر ولا المغرب ولا شركائهما الاقتصاديين. مع ذلك، تدور بعض الشائعات حول وقوع مناوشات عسكرية على الحدود، تظل ممكنة، نحو معبر فغيغ قرب بشار أو في الصحراء". وذكر المؤرخ الفرنسي أنه حال استمرار التوتر بين المغرب والجزائر فإن منطقة المغرب العربي ستكون هي الخاسر الأكبر في هذه القصة، كونها ستتحول تدريجيا إلى قوقعة خالية. وقال "فرميرن" إن غالبية المجتمع الدولي تلتزم الصمت حتى الآن إزاء النزاع بين الجزائر والمعرب. وفي حين جاءت ردود الفعل الإسرائيلية مساندة للمغرب، لم يعبر الشركاء المباشرون للبلدين عن مواقفهم. ولفت إلى أن الأمر معقد تماما بالنسبة لفرنسا، إذ أن المغرب العربي هي المنطقة التي تملك فيها التأثير الأكبر بعد أوروبا. وأضاف أن فرنسا تشاهد حاليا هذا المنطقة "تتصدع" تحت أنظارها، "وهي (فرنسا) بلا شك في ورطة لأنها مرغمة دائما للسعي إلى الحفاظ على علاقات متوازنة مع كل من المغرب والجزائر".