سياسة الطوابير لتخفيف العقوبات الدولية

لومــــــوند : محمود مهاوش
بعد الحرب العالمية الأولى نشأت في ألمانيا في الفترة مابين 1919 حتى 1933 جمهورية ناشئة سُميت بجمهورية فايمار ونتيجة لخسارة ألمانيا في الحرب أجبرت تلك الحكومة على دفع تعويضات ضخمة باعتبار ألمانيا هي من بدأت الحرب وتوجب عليها مواجهة المشكلات الاقتصادية نتيجة العقوبات التي فُرضت على ألمانيا من قبل حكومات الدول المنتصرة . فرضت الحكومة سياسة تقشفية شديدة وتعمدت افتعال أزمات معيشية من أجل إظهار طوابير الألمان وهم يصطفون بالآلاف في طوابير العمل والطعام أملاً في الحصول على تعاطف يخفف من واقع العقوبات المفروضة عليها . نجحت سياسة المستشار الألماني هاينريش برونينغ الذي لُقب بمستشار الجوع بكسب التعاطف و تخفيف العقوبات المفروضة لكن من جهة آخرى كانت تلك السياسة سبباً في فقدان شعبية حكومة فايمار بالرغم من كونها حكومة ديمقراطية. ويبدو أن الأسد الذي جرب كل شيء لم بجد مانعا في تجريب هذه الخطوة لخدمة مصالحه فنراه اليوم يفتعل الأزمات المعيشية أملاً في الحصول على تعاطف يخفف العقوبات المفروضة عليه من المجتمع الدولي ،لذلك حاول النظام منذ اليوم الأول لقانون قيصر تحميله مسؤولية الجوع والفقر وتراجع سعر صرف الليرة حتى قبل البدء بتنفيذ القرار مع العلم أن القانون لم يقترب من حياة المواطن وعجلة الإنتاج واقتصر على فرض عقوبات انتقائية في مجالات محددة تحد من جرائم النظام ومع العلم أن القانون استثنى كل النشاطات التي تقوم بها المنظمات غير الحكومية والعاملة في المجال الإنساني والإغاثي مع مهلة ستة شهور توقف تنفيذه في حال تحققت شروط إنسانية تتعلق بوقف القصف ورفع الحصار وإطلاق سراح المعتقلين . ولو سألنا نفسنا هل من المعقول أن تكون هناك أزمة خبز وحلفاء الأسد هم من أكبر مصدري القمح في العالم ؟ وهل من الممكن أن تحصل أزمة وقود في المناطق التي يسيطر عليها النظام وحلفاء الأسد هم من أكبر منتجي النفط والغاز في العالم ؟ ولماذا عجزت محطات الكهرباء على تخديم من تبقى من شعب بعد أن هاجر قسم كبير منه و بعد أن فقد النظام سيطرته على أجزاء واسعة من سوريا مع الأخذ بالحسبان أن النظام السوري عرض بيع الكهرباء على لبنان ؟ ولماذا يتعمد النظام حرق حقول القمح إذا كانت هنالك أزمة جوع تواجهه؟ ولماذا لم يُواجه النظام طيلة عشر سنوات أي أزمة نقص في إمدادات السلاح والذخائر والصواريخ ووقود الدبابات والطائرات وآلات القتل العسكرية إذا كان بالفعل نظام مُحاصر ؟ ولماذا افتعل النظام أزمة اللجوء إذا كان حريص على عودة المهجرين وهو الذي فرض العقاب الجماعي على كل منطقة تواجد بها معارضين ضده ؟ أليس النظام السوري هو نفسه من سهل لجوءهم عندما شرعت أوربا بفتح أبوابها للاجئين؟ ألم يشاهد الجميع طوابير السيارات تمر أمام حواجز النظام حاملة معها عشرات آلاف السوريين يومياً لتنقلهم إلى لبنان وتركيا ؟ ولماذا لا يُفرج عن المعتقلين في سجونه إذا كان بالفعل يسعى لمصالحة وطنية كما يسوق نفسه في المؤتمرات الدولية؟ إن النظام يُِدرك تماماً أنه غير قادر على إعادة إعمار مدينة واحدة ولا على مواجهة أي مُحتل لأرضه ولا على بناء إقتصاد ناجح وبنى تحتية فعالة ولا على خلق مؤسسات منتجة وبناء كادر بشري متعلم ولا على تحقيق العدالة والمساواة . إن هذا النظام يُدرك تماماً أنه لم يعد قادر إلا على المتاجرة بقوت السوريين وجوعهم واستغلال المساعدات الدولية المقدمة لهم وابتزازهم في أملاكهم الخاصة والمتاجرة بحريتهم ونكبتهم و لجوءهم وجوازات سفرهم وأوراقهم الثبوتية و في حوالتهم المالية المُرسلة لأهاليهم وفي سؤالهم عن أبناءهم المعتقلين وفي حنينهم لأهلهم وأرضهم وحتى في مماتهم وأحلامهم بأن يُدفنوا بأرضهم.
سياسة الطوابير لتخفيف العقوبات الدولية lemonde.in 5 of 5
لومــــــوند : محمود مهاوش بعد الحرب العالمية الأولى نشأت في ألمانيا في الفترة مابين 1919 حتى 1933 جمهورية ناشئة سُميت بجمهورية فايمار ...
انشر ايضا على

عبر عن رأيك