لبنان : الدخول الى دوامة جهنم
لومـــــوند : سيمون خليفة
كشف رئيس الحكومة السابق فؤاد السنيورة اليوم الأحد 27 أيلول الجاري، عن أن "معظم القوى السياسية، باستثناء الثنائي الشيعي، كان مع مبدأ المداورة في الحقائب. ولو كان أداء الثنائي بوزارة المال في الحكومات السابقة جيداً، لكان يُمكن فهم مطلبهم بالإصلاح. لكن التجربة كانت عكس ذلك. لذلك فإن الثنائي إياه اليوم في مواجهة مع القوى السياسية كافة". ولفت السنيورة إلى أن "الثنائي الشيعي وعد الرئيس ماكرون بتسهيل مهمة الرئيس أديب بتشكيل حكومة بعيداً عن الأحزاب، لكن إعلان واشنطن إدراج الوزيرين علي حسن خليل ويوسف فنيانوس على لائحة العقوبات، بسبب علاقتهما بحزب الله، جعل الإيرانيين يدركون أن ما كانوا يعوّلون عليه من رضا أميركي على المبادرة الفرنسية، لم يتحقق. لذا عرقلوا ولادة الحكومة، بحجّة وزارة المال". وأشارالسنيورة أيضاً إلى أن "إجهاض المبادرة الفرنسية في هذه الأوضاع الاقتصادية والمالية الخطيرة، سيقوّض مبادرات دولية أخرى تجاه لبنان لإنقاذه. وللأسف القوى السياسية الحاكمة تتصرّف وكأن لا انتفاضة شعبية ضدها، وتُحمّلها مسؤولية ما وصل إليه البلد". في السياق عينه حمّل السنيورة حزب الله مسؤولية ما وصل إليه البلد، "لأنه أطبق على الدولة اللبنانية وأصبح يتحكّم بقراراتها ومرافقها العامة". واعتبر أيضاً أن "دخول سلاح العقوبات الأميركية في الصراع القائم، جعل لبنان أمام مسارين: الأوّل خارجي يضغط على الداخل اللبناني ويُجبره على تسليم البلاد للقبضة الإيرانية. والثاني يريد تثبيت دور الدولة وتقوية مؤسساتها الدستورية".هنا لا بد من انتظار رد الفعل الفرنسي على ما جرى، خصوصاً في ظل المزيد من الضغوط الأميركية على باريس لوقف التسهيل للإيرانيين وحزب الله. ولا يمكن لفرنسا أن لا تردّ على الإهانة التي تعرضت لها من قبل الخليلين وبرضى العونيين، لأنه على الرغم من ادعاء عون تمسكه بالمبادرة الفرنسية وحرصه عليها، إلا أنه كان يفرض الشروط على مصطفى أديب حول ضرورة التشاور مع القوى السياسية ليتمكن من تشكيل حكومته. كان لبنان يعيش نزاعاً سياسياً كبيراً يرتبط بالمنازعة على موارده من نفط وغاز. أسئلة كثيرة ستطرح، هل يمكن اعتبار أن شركة توتال الفرنسية ستعمل على التنقيب عن النفط في البلوك رقم 9 قبل الوصول إلى تفاهم سياسي كبير؟ هذا أمر شبه مستحيل. الخطوات الفرنسية ستكون تصعيدية. وهذا التصعيد سيكون شكلاً جديداً من البقاء الفرنسي في لبنان والاستمرار في مبادرات متعددة، لأن فرنسا لم تأت لترحل بسبب خلاف على تشكيلة حكومية. الغاز والنفط دُفنا مؤقتاً في لبنان، كما حصل مع البلوك رقم 4 قبل أشهر. ولا يمكن الحديث عن اتفاقات وحلول قبل الوصول إلى تسوية سياسية كبرى.الخاسر الأكبر مما جرى هو عهد الرئيس ميشال عون، الذي ظهر بأنه لا يشكل ولا يؤلف ولا يشارك بقوة. بينما كان القرار محصوراً بين رؤساء الحكومة السابقين والثنائي الشيعي. كان عون في مرتبة بالغة الصعوبة، فويله حزب الله والتحالف معه، وويله المبادرة الفرنسية والعلاقات الدولية، التي ستشكل آخر بارقة أمل لإنقاذ العهد، وويله أي عقوبات ستفرض على جبران باسيل. ما جرى سيضغط على عون أكثر، وسيثبت أن العهد انتهى. إلا إذا ما قرر عون اتخاذ خطوة سياسية تمثل انقلاباً وتحولاً استراتيجياً في مواقفه. لم تتشكل الحكومة لئلا تثبت وزارة المال للطائفة الشيعية، لأن ذلك كان سيتحول إلى تثبيت مشابه لتثبيت معادلة الجيش والشعب المقاومة. ولكن حتماً بحال بقيت الظروف على حالها سيتمسك الحزب بما انتزعه في مفاوضات تشكيل الحكومة قبل الاعتذار، بالحصول على وزارة المال. خطوة التنازل من قبل سعد الحريري، على الرغم من خطورتها، خدمته، بما أن الحكومة لم تتشكل. ظهر وفياً للمبادرة الفرنسية، ولصديقه ماكرون، ولم يكن في صورة المعطّل للحكومة والمبادرة الفرنسية. بتنازله أحرج الحزب مع الفرنسيين. أصبح لبنان منكشفاً تماماً في مواجهة أي ضغوط سياسية أو عقوبات ستأتي، وإذا ما كان حزب الله قادراً على تحمّل العقوبات وعدم السؤال عنها، إلا أن حلفاءه لن يتمكنوا من التحمل، وسيعملون على مراجعة حساباتهم الخاطئة، خصوصاً أنهم لن يجدوا من يحميهم من تلك العقوبات. ومن كان يراهن على دور فرنسي في هذا المجال، سيصاب بالخيبة. وهم سيكونون بلا مال ولا أب ولا جمال على ما يقول نجيب محفوظ في روايته بداية ونهاية.