أطباء سوريا قبل كورونا وبعده

لومــــــوند : محمود مهاوش
إيطاليا وهي تناشد اليوم أطباء العالم للتدخل من أجل إنقاذ شعبها ،لعلها تذكر كيف رفضت بالأمس، إنقاذ سفينة الأطباء السوريين التي غرقت قبالة سواحلها. هذه السفينة كانت تحمل 30 طبيباً من خيرة أطباء سورية، رفض وقتها خفر السواحل الإيطالي إنقاذ السفينة ،على الرغم من الاتصالات والمناشدات التي استمرت لأكثر من خمس ساعات ،قبل أن تغرق بتاريخ 2013/10/11 وتغرق معها أحلام 30 طبيباً سورياً من خيرة أطباء سوريا أمثال: الدكتور عمران رسلان مدير صحة مشافي دمشق ,الدكتور منور رحيل (داخلية) وزوجته طبيبة أطفال وأخو زوجته الدكتور بشر اختصاص داخلية والدكتور عمران رسلان (عظمية) والدكتور خالد العوض (جراحة أعصاب) والدكتور سامي اليوسف وغيرهم من الأطباء الذين تمنوا لو أرسلت إيطاليا لهم سفنها وطائراتها كما أرسلتها اليوم لجلب عشرين طبيباً صومالياً من مقديشو. ولربما استذكر بابا الفاتيكان في صلاته تلك الأنفاس التي اختفت في ظلمات بحر هائج وتركتها حكومات الدول تغرق في خضم العاصفة، عندما قال في صلاته من أجل كورونا: (نناجيك من بحر هائج استيقظ يا رب والتفت إلينا ولا تتركنا فى خضم العاصفة، وقل لنا من جديد لا تخافوا لنلقي عليك جميع همومنا لأنك تعتني بنا) . ولربما كان من الأفضل لو طرد البابا من صلاته أولئك المسؤولين الطليان ،الذين استقبلوا مجرمي الأسلحة والتجارب الكيماوية علي مملوك وديب زيتون . وكان من الأفضل لو أنه طرد من صلاته البرلمانيّ الإيطالي أنطونيو رازّي صاحب السلفي الضاحك مع رئيس النظام السوري بشار الأسد. يطلب الرئيس الأمريكي ترامب من شعبه أن يكون يوم الأحد يوم صلاة ،ويطلب من الرب الحماية والقوة في مثل هذه الأوقات العصيبة ،و تعرض امريكا اليوم تأشيرات سفر لأي طبيب يريد الهجرة إليها بعد تفشي مرض كورونا، لكن فيما مضى كان الكثير من الأطباء السوريين يخوضون غمار البحر بعد أن رفضت حكومات العالم استقبالهم، فمنهم من نجى ومنهم من قضى نحبه غرقا كما حدث مع الطبيب محمود الحسن مدير صحة القنيطرة. أمريكا المنكوبة التي تستعجل الأطباء اليوم للقدوم إليها، هي نفسها التي كانت تتفرج بصمت على النظام السوري وهو يقتل ويعتقل ويشرد الأطباء السوريين .أمريكا التي تنفق سنوياً 700 مليار دولار على موازنة الجيش وعلى أدوات القتل ،تعاني اليوم أزمة نقص أجهزة التنفس الصناعي التي لا تبلغ كلفة الواحد منها ثمن صاروخ صغير مضاد للدروع. النظام السوري الذي يتوسل الدول لمساعدته في التصدي لجائحة كورونا هو نفسه من قتل مئات الأطباء في معتقلاته والعالم صامت فمن منا لا يذكر الطبيب المتفوق الأول على سوريا حذيفة الطراف. هذا النظام المتخبط اليوم هو نفسه من سمح للمجرمَين عمار ساعاتي وإياد طلب بقتل واعتقال العشرات من طلاب الطب في الجامعات السورية أمثال طالب الدراسات العليا الدكتور الشهيد أيهم غزول. وهو نفسه من أعطى مكافأة مالية قدرها خمسين ألف ليرة للمجرم أشرف صالح لأنه خنق بيديه أستاذه في كلية الطب داخل مكتبه. هو ذاته من قتل الدكتور صخر حلاق عضو أكاديمية AED الأمريكية، واغتال الدكتور العميد ظاهر صبرة رئيس قسم الجراحة الهضمية وقتل علي المحاميد أول طبيب شهيد في الثورة السورية . وأكثر من 600 طبيب قتلوا خلال السنوات الأربع الأولى من عمر الثورة والمئات من الأطباء قضوا بقصف الطيران السوري و الروسي للمشافي والمدن والعالم كله يتفرج . هذه الحكومات التي كانت تشاهد بصمت مأساة أطباء سوريا ،هاهي اليوم تتفرج على مواطنيها يتراكمون على أبواب المشافي ولا يجدون طبيباً واحداً يسعفهم. أولئك الأطباء الذين تركهم العالم بين شهيد وغريق ومعتقل بعد أن أدمت الليالي والسنوات الطوال عيونهم في دراسة علوم الطب ،كان من الممكن أن ينقذوا اليوم حياة عشرات الآلاف من المرضى كما يفعل الآن آلاف الأطباء السوريين الناجين من محرقة الأسد في مختلف البلدان الأوربية المنكوبة بجائحة كورونا ،وكما فعل الدكتور السوري عبد السلام عيروض الذي توفي بوباء كورونا في إيطاليا،وهو يقوم بواجبه المهني والأخلاقي في رعاية المرضى المصابين بهذا الفايروس، هذه الحكومات سقطت في الوحل أمام أول اختبار وأثبتت أنها حكومات فاشلة همها الوحيد قتل واستغلال الإنسان. هذه الحكومات التي تنفق سنويا عشرات المليارات على أسلحة قتل الإنسان كان الأولى لو أنفقت تلك الأموال على مشافي ومراكز صحية تحمي حياة الإنسان. هذه الحكومات التي تطلب من شعوبها الصلاة والدعاء ،من الأفضل لها لو أنها طالبت النظام السوري والأنظمة الديكتاتورية التي تدعمها بالإفراج عن الأطباء والمعتقلين في غياهب سجونها الحالكة.
أطباء سوريا قبل كورونا وبعده lemonde.in 5 of 5
لومــــــوند : محمود مهاوش إيطاليا وهي تناشد اليوم أطباء العالم للتدخل من أجل إنقاذ شعبها ،لعلها تذكر كيف رفضت بالأمس، إنقاذ سفينة الأطب...
انشر ايضا على

عبر عن رأيك