إيران أزمة الانتخابات وأزمات اخرى


لومـــــوند : تقرير محمد وزين - بهزاد اسفندياري
افتتح الرئيس الايراني حسن روحاني مهرجان خوارزمي،بخطاب طويل سيطرعليه التذمر فقال : لا تجعلوا كل شيء في المجتمع ثنائي القطب، فالاستقطاب والحزب والفصيل لهم مكانهم ". واسترسل: لا يجب أن ننغلق على أنفسنا لهذه الدرجة، بل يجب أن يكون هناك جسر للتواصل. مستشهدا بمقتطفات من مقال نشره على حسابه الشخصي بعنوان :"يجب علينا أن نبني جسرًا لإيران، وليس جدارًا حول إيران". وفسر روحاني كلامه وقال: المقصود هو جدار العزلة والثنائية القطبية؛ القصيرة منها والعالية داخل البلاد وخارجها، بمعنى تأكيد نهج التيار المهيمن من إقصاء وتصفية وكذلك سياسته في رفض التفاوض والعلاقة مع العالم. وباستثناء هذه التهكمات الخفيفة، من الواضح أن روحاني أراد نزع فتيل الصراع بين الزمرتين على الانتخابات. كما أن صحف تيار خامنئي علقت كثيرًا في 17 فبراير على قول روحاني في المؤتمر الصحفي المنعقد في 16 فبراير "نحن لم ولن نشكك في الانتخابات على الإطلاق". وسلطت الصحف الموالية لروحاني الضوء على قوله "طلبت أن أستقيل مرتين"، وهذا يدل على تهديد ضمني.
مصدر القلق الكبير الذي ينتاب الكل:
الرعب الرئيسي لكلا الفريقين ينبع من الركود الشديد في الانتخابات. وقد لا تكون كلمة الركود مفسرة لمسرحية الانتخابات القادمة. بمعنى أنهم كانوا يخشون أن يكون الوضع سيئًا للغاية لدرجة أنهم لن يكونوا قادرين على اعلان رقم مقبول يتم تكبيره في غرفة التجميع بتعاون وتآزر الزمرتين، حتى لايحبطوا قواتهم على الأقل. فعلى سبيل المثال، قام النظام الإيراني باستعدادات كثيرة لتنظيم مسيرة 11 فبراير بوصفها "مناورة انتخابية "، إلا أن حقيقة المشهد في طهران والمدن كان مخزيًا لدرجة أنه بعد المسيرة لم يجرؤ نظام الملالي على استخدام كلمة الملحمة التي كان يتشدق بها سنويًا حول مسيرة 11 فبراير. وكانت تصريحات رحماني فضلي في مقابلة متلفزة في 15 فبراير حول نسبة المشاركة في الانتخابات في بلدان أخرى، أحيانًا ما تتراوح بين 20 إلى 30 في المائة؛ نوع من التمهيد يرمي إلى التقليل من هول ما ستفرزه نتائج الانتخابات. ويمكننا ملاحظة علامات هذا التمهيد في وسائل إعلام النظام الفاشي أيضًا. من خلال موقع "بهار نيوز" الذي ذكر ان نسبة المشاركة في العاصمة طهران خلال انتخابات المجلس الحادي عشر تصل إلى 24 في المائة. كما تم الاعتراف في هذا المسح الحكومي بأن أكثر من 80 في المائة من الشعب على مستوى البلاد غير راض عن الظروف التي تشهدها البلاد، وهذا الرقم في الحقيقة يصل في طهران إلى 93 في المائة. وعلى الرغم من أن الحقائق أكثر سوداوية بالنسبة لنظام الملالي من هذه الأرقام، إلا أن الوضع سيكون كارثيًا إذا اضطر هذا النظام إلى سلك اسلوب الكذب والتزييف المعتادين والإعلان عن نسبة مشاركة تجاوزت الـ 50 في المائة. او 60 في المائة كما حدث في الانتخابات السابقة، فإن ذلك سيكون له نتيجة عكسية على قواته التي تعلم الارقام الحقيقية . وقد أدت هذه القضية إلى تصعيد الصراع بين التيارين، فنجد أن زمرة خامنئي تلقي باللوم على تيار روحاني وتتهمه بإحباط المواطنين من المشاركة في الانتخابات. فعلى سبيل المثال، قال رئيسي في 17 فبراير بمناسبة مراسم أربعينية الهالك قاسم سليماني في كرمان: " ان أي مسؤول يتسبب في إحباط الشعب فهو يقف في صفوف العدو". فيما يقول الإصلاحيون من جانبهم : إن ما تقوم به العصبة المهيمنة من إقصاء وتصفية هو ما أدى إلى إحباط المواطنين. وفي هذا الصدد، تذمّر الملا مجيد أنصاري وهو مرشح الإصلاحيين ، قائلًا : "ان المجلس الأحادي الصوت ليس برلمانًا، بل هو حامية عسكرية".
السبب الرئيسي لفشل مسرحية الانتخابات
من خلال كيل الاتهامات المتبادلة بين العصبتين، يعترف البعض بأن السبب الرئيسي وراء هذا البرود السياسي قبيل الانتخابات هو الانتفاضة الشعبية التي تشهدها مختلف المدن الايرانية. فعلى سبيل المثال، كتبت صحيفة " جوان" : " من المؤسف أن المجتمع يعاني كثيرا من الإحباط بسبب الأحداث التي شهدها المجتمع ولا سيما انتفاضة نوفمبر، التي خرج المواطنون من خلالها لرفض كل ماهو قائم بما في  ذلك الاستحقاق الانتخابي الذي اعتبره المحتجون مهزلة بامتياز.وفي حالة أخرى مثيرة للاهتمام، كتبت صحيفة "سياست روز" (التابعة لمعسكر خامنئي) الانقسام في الزمرة المهيمنة على الزمرة الأخرى وكتبت: " إذا كانت التيارات السياسية في البلاد الآن لا يمكنها أن تشكل ائتلافًا وتتفق فيما بينها للحصول على السلطة، فيكف يمكنها أن تدير البلاد؟ وعكست صحيفة "مستقل" ( وهي إصلاحية) نفس الموضوع في عنوان مقالها، وكتبت: "الجواب في العنوان" ويدل هذا الحديث المنتشر اليوم على الألسن وفي كتابات العناصر الحكومية ووسائل إعلام نظام الملالي على العقاب الديناميكي الذاتي لنظام ظل على مدى 40 عامًا كاملا يتحدث عن الممارسة الديموقراطية في ظل استبداد مطلق للولي الفقيه،مجرد مسرحية مثيرة للاشمئزاز تعتبرالمشاركة فيها خيانة لسيادة الشعب. فلا تغيير مع بقاء هذا النظام المطلق، ولا معنى لتقسيم السلطات، والولي الفقيه هو الذي يحكم ويعزل وينصب وكل مقاليد الحكم في يده. كما أن المادة 110 من الدستور تنص على صلاحيات خامنئي المطلقة.فكل من يريد أن يدخل الانتخابات يجب أن يعبر من مصافي عدة، كما تنص المادة الخاصة بالانتخابات، أن يكون مؤمنا قلبيا بولاية الفقيه وملتزما عمليا بها. فكل من دخلوا هذا المعترك الموبوء خلال السنوات الماضية كانوا أوفياء لأهداف نظام ولاية الفقيه.وهناك مجلس صيانة الدستور الذي يتكون من 12 شخصا، ستة منهم ينصبهم الولي الفقيه، والستة الآخرون ينصبهم رئيس السلطة القضائية الذي يعين من قبل خامنئي. معنى ذلك أن هذه المجموعة المكونة من 12 شخصا هم منصبون أيضا من قبل الولي الفقيه، وهؤلاء هم الذين يقررون من له أهلية الترشح أو العكس. وهناك مصافي أخرى مكونة من قوات الحرس الثوري والاستخبارات، وكل هذه الأجهزة مهمتها تحديد أهلية المرشح لخوض الانتخابات، وأهلية اغتصاب سلطة وسيادة الشعب.هذه مجرد لمحة عابرة لأساسيات وثوابت الدستور الذي مافوت فرصة هذا النظام الا وضرب به عرض الحائط ، فمقتضيات الدستور لا تعني له سوى فصول وضعت للتسوبق السياسي لاغير، ما اسقطه في تناقض   كشف عورة المشهد السياسي برمته كونه مسرحية مبتذلة .ومن سخط القدرأن قادة هذا النظام هم الذين يصفونها بالمسرحية فروحاني عدة مرات تحدث عن الانتخابات،كونها عبارة عن تشريفات وتوزيع مناصب فلماذا لا يناشد تياره صراحة بمقاطعتها؟ ولماذا يتوسلون الشعب للمشاركة فيها؟ .وهو مدرك ان دعوات المقاطعة هذه المرة كانت واسعة جدا تختلف كليا عن السابق. في كل الفترات، المقاومة الإيرانية وحدها هي من كانت تدعو لمقاطعة الانتخابات.وحتى داخل النظام هناك بعض المجموعات المحسوبة على النظام دعت لمقاطعة الانتخابات كحركة الحرية التي بناها المرحوم المهندس بازرغان، والتي كانت تؤيد الانتخابات، أما هذه المرة فهي ستقاطعها. والسبب هو انسداد اي طرق أخرى للنجاة فهم يخشون من تغيير النظام لأنهم يعلمون أن الشعب يريد إنهاء هذا النظام.لذلك فهم يبحثون عن بقائه بأي شكل كان، وحتى لو كانوا تحت رحمة قمع الجناح المنافس. فخامنئي يريد أن يكون نظامه منسجما مع بعضه ومتماسكا.  فهو يدرك أنه في ورطة داخلية ودولية وإقليمية كبيرة، فكيف به أن ينجو بهذا النظام.في كل هذه المنعرجات السياسية والإبقاء عليه فقرر إقصاء ما يسمى بالإصلاحيين أو المعتدلين ممن كانوا مع خاتمي وموسوي وروحاني من المجلس. ومن المضحك جدا ان عدد مقاعد هذا المجلس هو 290 وأعلنوا أن 160مقعدا منها محسومة بشكل تام لجناح خامنئي و 70 محسومة مع شيء من التنافس في تيار خامنئي يين الغلاة والأقل غلواً. أي أن 230 مقعدا محسومة لعصابة خامنئي ويبقى 60 مقعدا للتنافس بين الإصلاحيين وغيرهم. لكن النظام أخرج كل رموز الإصلاحيين، فلاريجاني الذين كان محسوبا على جناح روحاني وتولى رئاسة المجلس لثلاث دورات انتهى دوره.
ان الظرف التاريخي الذي تجري فيه الانتخابات مهم للغاية لأن النظام القمعي في إيران قد ابتلي بانتفاضات شعبية عارمة،منذ نهاية 2017 وبداية 2018، وانتفاضة نوفمبر 2019. جيث خرج الشعب الإيراني للشوارع في أكثر من 200 مدينة إيرانية وفي مختلف المحافظات الإيرانية ولم يحملوا قضية مطلبية كرفع الرواتب أو معالجة التضخم والبطالة، بل إن مطلبهم الوحيد كان هدم هذا النظام، وقاموا بإشعال المئات من المراكز الحكومية ومراكز السلب والنهب والبنوك الحكومية ومكاتب أئمة الجمعة ومراكز الباسيج. لذلك فهم يريدون تغيير جذريا وليس حل أي مشكلة في إطار هذا النظام المتخبط في مشاكل عدة بعد مقتل قاسم سليماني الأمر الذي شكل نكسة وهزيمة استراتيجية للنظام والسياسة التي يعتمد عليها للبقاء، المتمثلة في تصدير الحروب والأزمات لمختلف الدول. فبخروج المجرم سليماني من هذه الساحة ينكسر ظهر النظام. وهناك أيضاً قضية إسقاط الطائرة الأوكرانية التي لا تزال في طي الغموض، ومن كان وراء إسقاطها. فالنظام لم يجرؤ على تسليم الصندوق الأسود للأطراف الدولية لكشف ملابسات الكارثة. كما لم يتجرأ روحاني في اللقاء صحفي على تقديم ارقام عدد شهداء انتفاضة نوفمبر ، وقال اسألوا الطب الشرعي، في حين صرح الطب الشرعي أنه قدم كل التفاصيل للحكومة. في العراق ثار الشعب العراقي ضد عدوان هذا النظام، كما أن الشعوب المقهورة في سوريا ولبنان انتفضت ضد هذا النظام، لذلك فهو أمام مشكلة مستعصية في الداخل الايراني ومشكلة ضخمة اقليميا، وعلى الصعيد الدولي يعيش النظام حالة عزلة غير مسبوقة.خامنئي قال بأننا نعيش في أصعب مراحل حياتنا ونفس الكلام كرره روحاني أيضا، اي ان النظام اصبح في مرحلة التيه مستنفذا كل ادواته المعهودة، والرد الحقيقي عليه يكمن في استمرارالثورة حتى الإطاحة به".

إيران أزمة الانتخابات وأزمات اخرى lemonde.in 5 of 5
لومـــــوند : تقرير محمد وزين - بهزاد اسفندياري افتتح الرئيس الايراني حسن روحاني مهرجان خوارزمي،بخطاب طويل سيطرعليه التذمر فقال : لا ت...
انشر ايضا على

عبر عن رأيك