غزة تقاتل لوحدها !

لومـــــوند : عبد اللطيف أبو ضباع :
بالتأكيد نثمن كل المواقف الداعمة ، ونقدر كل الفعاليات والتظاهرات الشعبية المساندة للحق الفلسطيني ، والمتعاطفة مع أهل قطاع غزة ،لكن التحرك العربي والفلسطيني الرسمي والشعبي دون المستوى المطلوب. السياسي يلقي باللوم على النّخب ، والنّخب تلقي باللوم على المواطن العادي والعكس صحيح ، والبعض يحيل الأمر الى سلم الأولويات ، لا أعتقد أن الموضوع يرتبط بسلم الأولويات ، بل في تحديد وفرز هذه النّخب ومدى ارتباطها وعلاقتها بالقضية الفلسطينية ، ولو بحثنا في كل دولة عربية سنجد أن بعض النّخب تم تقسيمها وتطويعها وتدجينها ، وبالتالي لايمكن لنا تحديد أو تعريف من هم النّخب . في زحمة المصطلحات وتضارب المصالح ، وفي ظل هذا التضليل الثقافي والإعلامي ، بات من الضروري إعادة فك وتركيب وتعريف وتحديد من هم طائفة المثقفين ومن هم النّخب ! هذا الإنقسام الأيدلوجي كان له الدور الأكبر في توجيه هذه النّخب الحقيقية والمصطنعة وانحيازها للقضية الفلسطينية . وفي الجانب الأخر ، الأنظمة السلطوية -في هذه الدول -و تحالفاتها الاقليمية وارتباطها بالمشاريع والاجندات الخارجية ، والممارسات القمعية لكل شكل من اشكال التضامن مع القضايا العربية أو حتى مع القضايا الداخلية وحقهم في ممارسة حياتهم الطبيعية . المطلوب هو استمرارية كل أشكال الدعم لقطاع غزة ، وهذه الاستمرارية لن تتحق إلا بكسر كل الحواجز التي فرضتها تلك الأنظمة الاستبدادية . القضية الفلسطينية هي قضية المركزية للشعوب العربية وبعض النّخب العربية ، لكنها ليست أولوية للأنظمة السلطوية ونخبتها ، وحتى بعض النّخب العربية والفلسطينية "المؤيدة "المطلوب منها قبل حث الناس وتوجيههم ، المطلوب اعادة جسور الثقة بينهم وبين المواطن العادي ، هذه الثقة التي تراجعت في احداث "الربيع العربي " ، أما المواطن العادي في الغرب لايحتاج الى بطاقة دعوة للنزول والتضامن مع القضايا الإنسانية .. ولكن لماذا كل هذا اللوم والعتاب لماذا لاتنزل هذه النّخب الى الشارع! لتحفيز المواطن العادي ، جميعنا بلا استثناء نجلس خلف الشاشات ، ونطالب المواطن أن ينزل ، المواطن العادي فهم اللعبة وبالتالي هو يجلس الآن خلف الشاشات ولسان حاله يقول إنا معكم منتظرون! ، لماذا لانتفق جميعا ، لماذا لانزيل هذه الحواجز المصطنعة ونقف جميعا على قلب رجل واحد! ماذا ننتظر ، لماذا لاتفتح كل الجبهات ضد العدو الصهيوني ، أين اللاجئ الفلسطيني في الشتات والمنافي ، أين الضفة الغربية والحركة الأسلامية في الداخل ، غزة تقاتل لوحدها في هذه المعركة ، ماذا ينتظر اللاجئين في الشتات والمنافي ، هل أرتضيتم حياة الذل والهوان ، ألستم أصحاب الحق ، ألستم أصحاب القضية ، ألا تريدون العودة ، ألستم أحرار ، هل الحرية دفنت وقبرت في شوارع وأزقة المخيمات ، أنتم تموتون في اليوم ألف مرة ، "ولكن موتة عن موتة بتفرق" ، تماما كالمقولة الشهيرة خيمة عن خيمة بتفرق! ، أين شعاع الأمل المشرق من بعيد ، هاهي غزة العزة تقاتل وحدها ، أين أهل المخيمات ، أين أجيال العودة والتحرير ، أين رجال فلسطين في الشتات والمنافي .
"نحن نقص عليكم نبأهم بالحق "
لطالما تسللت رائحة الموت اليهم عبر الشقوق والنوافذ ، لكن الأمل أرغمهم على التشبث بالحياة ، هو الخيط الرفيع الفاصل بين الأرض والسماء ، يا لها من قسوة الغربة ومواجع الشتات تلك التي أحتضنت عالمهم . تمر سنين عمرهم و يخلو كل منهم الى نفسه يستعيد ذكرياته وماضيه ، سارحا هائما معها ، وتأتي الأحداث تلو الأحداث في ايقاع رتيب كأنه تيار هادئ يدفع بماء الحياة الى النهر الطويل .. الحرية هي الاختيار ، هي التمرد على كل مفردات الخضوع والخنوع ، وعلى أنظمة القهر والإنكسار ، هي لوحة الوطن المزركشة بألوان الشوق والعشق والحنين ، هي ذاك الخليط الرائع الممزوج بالألم والأمل ، الحرية هي الخيار والإختيار ، هي الشمس الساطعة في وضح النهار ،الحرية هي أن تمتلك القرار. إنها الحياة ..حدث في حلقة من الزمن تتبعها حلقة أخرى مع حدث جديد ..ثم تتلاقى الأحداث تتشابك وتترابط معا لتكون سلسلة الحياة! الحلقة المفقودة في هذه السلسلة هي الحرية ، بحثوا عنها في جغرافية المكان والزمان ، في المواثيق والقرارات الشرعية، الأصلية والفرعية ، بحثوا عنها بين السطور ، بحثوا عنها في كل المنظمات الحقوقية ، وفي كل الوجوه العابرة الى شواطئ النسيان ، الحرية هي سمفونية الزمن الحزين في صحراء الظلم والطغيان ، فتشوا عنها بين الصخور والوديان ،وتلمسوها بين البراعم والزهور ، وكأنها قد أوصدت ابوابها الى أجل غير معلوم.. كم شاهدوا الحرية في احلامهم ،كم صوروها في كلماتهم ، كانت كالطيف الخاطف في سمائهم ، كالنجمة التي ضلت طريق العودة ، وكم وقفوا يتأملون وجه الله عز وجل ويسألونه الرحمة والعون فهو الخالق للإنسان حرا على هذه الأرض .. كانت قلوبهم تزخر بمزيد من الأمل ، والرجاء يملأ وجدانهم والرؤية الإنسانية أكثر وضوحا في صدورهم ، لم ينل الشك يوما من إيمانهم بفكرتهم أو بعدالة قضيتهم ، ولا كانت مشقة الطريق حاجزا أمام أفكارهم ..ساروا وهاماتهم عالية ، قلوبهم مطمئنة أمنة ، وخطاهم ثابتة على الطريق بلا تردد ولاخوف ، يدفعهم الى الأمام شعاع الأمل المشرق من بعيد ..! لكل شيء ثمن ، للحرية ثمن ، وللعودة ثمن ،وللتحرير ثمن ، وللوقوف بجانب الحق ثمن ، فهل أنت مستعد للتضحية ، الفرق بين المستحيل والممكن هو قدرتنا على العطاء والتضحية ودفع الثمن من أجل فلسطين ، بل من أجل حقوقنا يابشر.
أغضب فإنك إن ركعت اليوم سوف تظل تركع بعد الآف السنين .
غزة تقاتل لوحدها ! lemonde.in 5 of 5
لومـــــوند : عبد اللطيف أبو ضباع : بالتأكيد نثمن كل المواقف الداعمة ، ونقدر كل الفعاليات والتظاهرات الشعبية المساندة للحق الفلسطيني ، و...
انشر ايضا على

عبر عن رأيك