سوريا : الجحيـم والخــيانة ومـا بينهما

لومــــــوند : محمد وزيــن :
 مرت ثلاث سنوات على مرأى من العالم كله، والسوريون يتعرضون لأبشع صور الإبادة من قصف بالبراميل المتفجِّرة ونيران المدفعية،والذبح والفتك وهتك العرض وتشرذم الملايين ،هي حرب الشام البربرية حيث يُستخدم التجويع كسلاح حرب في القرن الحادي والعشرين ، ممارساتٌ تدخل تحت البند السابع والثامن من ميثاق روما ،والنظام المحصن من العقاب يعكف على قتل الكل تحت مصوغ مكافحة الإرهاب، شبح سربرينيتشا قد عاد ،فمع تشبث البيدق بالرقعة المحروقة، فإن العنف والمعاناة سوف يتضاعفان بالتأكيد ،وسيحصد الإرهاب الذي يتغذى على وحشية نظامه آلاف الباقين على قيد الحرب، تحت سمع التاريخ وبصره ،الكل يقف متفرِّجا على استفحال هذه المأساة الإنسانية، التي لم تحلها لا الحرب ولا السياسة ،جنيف 1 و 2 كانتا مجرد مناورات لأطراف صراع الجغرافيا السياسية، تحت مسمى التفاوض المباشر برعاية دولية بين أشلاء النظام ،ومعارضة كرتونية ليس لها وجود حقيقي على الأرض أو احترام ،دون الكتائب الراديكالية والغلاة ، برعاية وولاية أميركية (فورد) بحضور الأخضر الإبراهيمي كممثل للأمم المتحدة ومرتهن لها، لكن لمن ينظر إلى لوحة الأزمة متعمقاً، سيفهم أن المفاوضات الحقيقية كانت خارج جنيف ،بين أميركا وروسيا وما تمثلان من محورين مختلفين، كلا نيابة عن أدواته وحلفائه، بهدف معلن وهو حل الأزمة السورية سياسياً، وإشراك المعارضة في الحكم، وهدف حقيقي يتجاوز ذلك، ويحول الأزمة لا إنسانيا إلى مجرّد بند من بنود التسوية الشاملة ،التي تعيد رسم خريطة النفوذ الدولي بين أميركا وروسيا ومن يمثلان في ملهى الشرق الأوسط المذعن ضمن معاهدة كيري - لافروف كمراجعة جديدة لسابقتها سايكس - بيكو، في إطار تقاسم الأدوار بين هؤلاء الرعاع الواقفين على تخوم مصالحهم التاريخية، بعد أن فقدوا أخلاقهم وإنسانيتهم إزاءها ، فدافع روسيا لدعم نظام دموي هي مصالحها الاسترتيجية وشحنات الإبريز، فهي تستأجرُ الحلفاء من عُربان فحسب ، وما فضيحة بيع القذافي وصدام للهجامين عنكم ببعيد، قبلات الوداع من بيرماكوف للمشنوق ساعات قبل حرق العراق تشفي عطش المشكك في وساخة براغماتية الروس، أما الغرب فقد حول سلطاته المطلقة إلى مفسدة مطلقة بعدم فرض منطق حظر جوي لكبح جنون الأسد ،على غرار سيناريو ليبيا بغية توسيع حلقة الدم وإنجاح معركة بين حربين لإنهاء حمولة الأعداء الزائدة ، ودرء التحرش باسرائيل من صفاينة الضاحية المنهكين بإنقاذ المنحط ،والمدركين أن زمن التنطع قد ولى فنتنياهو المعتوه ليس هو أولمرت المتردد. أما إيران فتدعم المقيت بالمال والسلاح والطائفيين ،لفرض رؤيتها السياسية والعسكرية وتهديد ممرات الطاقة وزيادة جرعاتها التوسعية لتعزيز وضعها التفاوضي حول برنامجها النووي المدمر في المنطقة، والغرب يعترف بالأمر الواقع وسيتعامل مع هذا الورم السرطاني على حساب دول الموز الشمولية المنشغلة بدعم الانقلابات على الإخوان وشق الكنان عنهم.أوباما بعد خرسه الآثم ،الذي تجاوز حدود العجز قال في كلام راطن ، أنه لن يتخذ أي خطوات حتى يتأكد من أدق نتائج قسم الأدلة الجنائية باستعمال المضطرب لغاز السارين واجتيازه للخط الأحمر كي يحافظ على دعم المجتمع الدولي بينما الأطراف المتناحرة والبراميل المدمرة غير أبهة بجمع الأدلة.وخط أوباما الأسود . ما يجري في الشام مأساوي بكل ما تعنيه الكلمة ودروسا للمعارضة للخروج من رحم الفُرقة بعد أن أكلت بعضها و لم تضع في قراءتها أن هذا زمن الصفقات في أوجه، فإخوة الدين والعروبة والذل ،الذين تلكؤوا في تسليحها ،وحرموها حتى من مقعد في قمتهم التافهة ،لهم منافعهم وحساباتهم للوقوف إلى جانب الثورة ويوم تغيرت، عادوا لمسقط بشاعتهم خانعين بخفي صمت ككل كساد ،أما الغرب فلن يدخل أي حرب مباشرة،بعدما فهم شعاب هذا الوطن وأراذل حكامه، فقلوبهم وإن كانت ضده فخناجرهم دائما معه، فالتف من الشرق هذه المرة لاستكمال مشروعه الإخضاعي بأموالهم ووجوههم البشعة بدلاً من جيوشه التي ذاقت الأمرين في أفغانستان والعراق قتلا وذبحا وانتحارا ومن نجوا كلهم مرضى بالرهاب ،هذا الطاعون أينما حل عسف وخرب النسيج الاجتماعي والديني واستنزف المقومات والجيوش وحول الدول إلى مجتمعات حرب ،وقسمها إلى أقاليم وكيانات تراق فيها الدماء على منحر الصراعات الطائفية و الإثنية كواقع غير معلن في العراق واليمن وليبيا ومصر والسعودية نفسها...أو معلن في السودان المقسم إلى شمال مسلم ،وجنوب مسيحي من مهازلها ،هنأته جامعة العار بالانفصال . وإعلاء شأن الحرب في سوريا بقصد أدخلها في أزمة كؤود وجحيم أوصدت أبوابها بإحكام ،فعلقت تخمينة ديكنز إلى حين فرج. فلن تنفع الغصات والزفرات جرت السنن على من كان في يبرود بعد دكها بالبراميل القاتلة فسقطت بتلك الصورة الأليمة فيما دخلها ما تبقى من شبيحة الفاجر ومرتزقة السيئ حسن وسفاحي البابا في قم وحثالة الحوثيين وعصابات المالكي المتوحشة ، مدعومين بتغطية جوّية وبرّية معلنين يبرود عنوان الظفر والانتصار،وأن من له سند لا تسقطه الثورات . بعد كل هذه الهمجية وبكل أنواع الدعم ،لم يحسم الغاشم انتصاره ،ولن يحسمه والحل النهائي سيفرضه الرصاص وحده لاشريك له،أما مؤتمرات جنيف فهي جهود متضافرة لإضاعة القضية السورية ووأد حق من تبقى فوق الرماد ولن يضيع طالما هناك شعب يريد التخلص من نظام ديكتاتوري مجرم قتل شعبه بالبراميل المتفجرة وبالغازات السامة.وسلط عليهم البغاة وكذلك غلاظ قلوب يستدرجون من كل موطن ليمارسوا ما نهوا عنه ،صدح القاشوش والساروت وكل الغطاريف بما زلزل عرش هولاكو زمانه ،اقتل ما شئت من عُزل ولك يوم ، فأبصر وسم قدحك ،فلن يحكم سوريا طاغيةً بعدُ حتى يرد الضب.
سوريا : الجحيـم والخــيانة ومـا بينهما lemonde.in 5 of 5
لومــــــوند : محمد وزيــن :  مرت ثلاث سنوات على مرأى من العالم كله، والسوريون يتعرضون لأبشع صور الإبادة من قصف بالبراميل المتفجِّر...
انشر ايضا على

عبر عن رأيك