لوموند :
ياسر عرفات (24 أغسطس 1929- 11 نوفمبر 2004)، سياسي فلسطيني ورمز لحركة النضال الفلسطيني من أجل الاستقلال. اسمه الحقيقي محمد ياسر عبد الرؤوف عرفات القدوة الحسيني وكنيته "أبو عمار". رئيس السلطة الوطنية الفلسطينية المنتخب في عام 1996. ترأس منظمة التحرير الفلسطينية سنة 1969 كثالث شخص يتقلد هذا المنصب منذ تأسيس المنظمة عام 1964، وهو القائد العام لحركة فتح أكبر الحركات داخل المنظمة التي أسسها مع رفاقه عام 1959. كرس معظم أوقاته لقيادة النضال الوطني الفلسطيني مطالباً بحق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره. قاد الكفاح الفلسطيني من عده بلدان عربية بينها الأردن ولبنان وتونس، ودخلت قوات المنظمة مع القوات الأردنية في حرب أهلية داخل المدن الأردنية، وبعد خروجه من الأردن أسس له قواعد كفاح مسلح في بيروت وجنوب لبنان، وأثناء الحرب الأهلية في لبنان إنضم إلى قوى اليسار في مواجهه قوى لبنانية يمينية. وخرج من لبنان إلى تونس بعد أن حاصرته القوات الإسرائيلية في بيروت الغربية بعد الاجتياح الإسرائيلي للبنان. أهم تحول سياسي في مسيرته حدث عندما قبل بقرار مجلس الأمن الدولي رقم 242 بعد انعقاد مؤتمر مدريد، وبعد قبول المنظمة بحل الدولتين دخل في مفاوضات سرية مع الحكومة الإسرائيلية تمخضت عن توقيع اتفاقية أوسلو والتي أرست قواعد سلطة وطنية فلسطينية في الأراضي المحتلة وفتح الطريق أمام المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية على الحل الدائم. بعيد توليه السلطة، فاز مع إسحاق رابين وشمعون بيريز بجائزة نوبل للسلام عام1994.
مشواره :

ولد في القاهرة واسمه محمد ياسر عبد ياسر الرحمن عبد الرؤوف القدوة الحسيني، وكان الولد السادس لأسرة فلسطينية تتكون من سبعة أفراد، وكان والده يعمل في تجارة الأقمشة، ونسبه من جهة أمه يتفرع من عائلة الحسيني التي تعتبر من الأسر المقدسية الشهيرة التي برز بعض أفرادها في التاريخ الوطني الفلسطيني. قضى عرفات مراحل طفولته وسني شبابه الأولى في القاهرة. توفيت والدته زهوة عندما كان في الرابعة من عمره بسبب مرض الفشل الكلوي
، أرسل بعدها مع أخيه فتحي إلى القدس حيث استقرا عند أقارب لهم في حارة المغاربة، ولكن سرعان ما تم إرساله إلى أقارب أبيه عائلة القدوة في غزة حيث مكث هناك حتى سن السادسة من عمره عندما تزوج والده بامرأة ثانية، حيث عاد إلى القاهرةوتولت أخته أنعام تربيته فيها. وأنهى تعليمه الأساسي والمتوسط في القاهرة حيث اكتسب في تلك الفترة لهجته المصرية التي لم تفارقه طوال حياته. في سني صباة وشبابه تردد على بعض المنفيين الفلسطينيين، وأصبح مقرباً من أوساط المفتي أمين الحسيني الذي كان منفياً في القاهرة، كما تعرف في تلك الفترة على عبد القادر الحسيني ولعب مع ابنه فيصل الحسيني.
في سن السابعة عشرة قرر الدراسة في جامعة الملك فؤاد (
جامعة القاهرة حالياً)، فدرس الهندسة المدنية، وفي تلك الحقبة تكتلت وتشكلت في هذه الجامعة تنظيمات [إسلامية وفلسطينية كان أشهرها الإخوان المسلمون. بعد مقتل عبد القادر الحسيني في أبريل من عام 1948 في معركة القسطل ترك الدراسة وتطوع في إحدى فرق الإخوان المسلمون التي حاربت في غزة. وبعد دخول القوات المصرية إلى فلسطين وإعلان قيام دولة إسرائيل تم حل المجموعات المسلحة للإخوان فعاد محبطاً إلى مصر حيث واصل دراسته في الهندسة، كما واصل نشاطه السياسي، فانتخب في عام 1952 مع صلاح خلف (أبو إياد) لرئاسة اتحاد الطلاب الفلسطينيين في القاهرة. في حرب 1956 تجند لفترة قصيرة في الوحدة الفلسطينية العاملة ضمن القوات المسلحة المصرية برتبة رقيب، وبعد تسريحه هاجر إلى الكويت
حيث عمل هناك كمهندس، وبدأ في مزاولة بعض الأعمال التجارية.اتخذ ياسر
عرفات لنفسه، صورة الاب الحامل على كاهله مسؤولية القضية الفلسطينية
وهمومها، لذلك كان عرفات، يعامل أبناء الشعب الفلسطيني ،معاملة أبوية. من
هنا اكتسب أبو عمار- وهو اللقب الذي اختاره لنفسه بعد تأسيس حركة فتح-
رمزية القائد سيما أنه، كان يتمتع بكاريزما وجاذبية شخصية وكان يواضب على
ارتداء الزي العسكري والتمنطق بمسدس هذا مع اعتمار الكوفية الفلسطينية بشكل
شبه دائم، لذلك حاز عرفات على شعبية جارفة، في أوساط الاطفال والشباب
الفلسطينين، بما أنه كان أيضا يلاطفهم بعطف وحنان ،ولا ينكف حتى عن
مواساتهم وتقبيل أياديهم إذا حدث لأحدهم مكروه وعندما بدت على عرفات
علائم الكبر في السن أطلق عليه الفلسطينيين لقب "الختيار". وطوال سنوات
كثيرة رفض عرفات الزواج، بدعوى تكريس وقته للثورة الفلسطينية وهمومها لدرجة
أنه قيل انه كان ينام بجواربه .على الرغم من ذلك، فاجأ عرفات
الكثيرين، وتزوج عام 1990 بسكرتيرة مكتبه السيدة سها الطويل ،وهي سيدة
مسيحية من آل الطويل الثرية. عندما تزوج عرفات، كان يبلغ من العمر61 عاما،
بينما كانت سها في 27 من عمرها ،وكان ثمرة هذا الزواج، أن ولدت لهم ابنة
سماها عرفات زهوة، على اسم أمه. ومن الناحية الدينية واظب عرفات كمسلم على
أداء الصلوات المفروضة ولم يبدي خلال حياته تمظهرا دينيا باستثناء استشهاده
ببعض آيات القرآن الكريم في بعض خطبه وتصريحاته وذلك مرده على ما يبدو إلى
رغبته بالظهور كزعيم لعموم الشعب الفلسطيني الذي يشتمل في تركيبته على
أقليات دينية.وعلى الرغم من ظهور عرفات بمظهر الرجل المتواضع والمتقشف إلا
أن الكثير من اللغط أثير من قبل أوساط إسرائيلية وغربية حول ثروته وأرصدته
في البنوك مع ذلك يُعتقد أن معظم هذه الاموال كان من اموال الدول المانحة
التي كان يستخدمها في مصاريف تخص السلطة.وعندما توفي عرفات أوصى بأن تعطى
زوجته سها الطويل التي كانت قد غادرت قطاع غزة لتعيش في الخارج حصة من هذه
الاموال.بعد مباحاثات كامب ديفد وطابا بدأت الدوائر الأمريكية وأوساط من الحكومة
الإسرائيلية وبعض السياسيين الإسرائيليين بالقول أن ياسر عرفات لم يعد يعتد
به بمعنى عدم جدوى التفاوض معه
في هذه الأثناء أزداد العنف والعنف المضاد وارتكبت عدة عمليات انتحارية
أسفرت عن مقتل كثير من الإسرائيليين وعلى الرغم من شجب عرفات واستنكاره
الواضح لهذه الأعمال بدأ رئيس الوزراء الإسرائيلي أرئيل شارون
الذي كان على عداء مرير مع ياسر عرفات ولا يثق به ويرفض مقابلته بتحميله
مسؤولية مايحدث.في هذه الاجواء قامت إسرائيل بمنعه من مغادرة رام الله لذلك
لم يحضر عرفات مؤتمر القمة العربية في بيروت في 26 مارس 2002 خشية ألا
يسمح له بالعودة إذا غادر الاراضي الفلسطينية وفي 29 مارس من نفس السنة
حاصرته القوات الإسرائيلية داخل مقره في المقاطعة مع 480 من مرافقيه ورجال
الشرطة الفلسطينية وهكذا بدأت حالة من المناوشات التي يقتحم خلالها الجيش
الإسرائيلي ويطلق النار هنا ويثقب الجدار هناك
بينما كان عرفات صامدا في مقره متمسكا بمواقفه في تلك الفترة بدأ يتقاطر
عليه في مقره بالمقاطعة مئات المتضامنين الدوليين المتعاطفين معه.كذلك تعرض
عرفات من قبل الإدارة الأمريكية وإسرائيل لحملة لاقصائه عن السلطة أو
ابعاده عن مركز القرار فيها بدعوى تحميله مسؤولية ما وصلت اليه الأوضاع في
أراضي السلطة الفلسطينية من تدهور ففي يوم24 مايو2002 طلب الرئيس الأمريكي جورج بوش تشكيل قيادة فلسطينية جديدة وبسبب الضغط الدولي وانسداد الافق السياسي إضطر عرفات للتنازل عن بعض صلاحياته لرئيس الوزراء محمود عباس ولكن عباس سرعان ما استقال وتولى المنصب أحمد قريع .في يوم الثلاثاء 12 أكتوبر 2004
ظهرت أولى علامات التدهور الشديد لصحة ياسر عرفات، فقد أصيب عرفات كما
أعلن أطباؤه بمرض في الجهاز الهضمي، وقبل ذلك بكثير، عانى عرفات من أمراض
مختلفة، منها نزيف في الجمجمة ناجم عن حادثة طائرة، ومرض جلدي (فتيليغو)،
ورجعة عامة عولجت بأدوية في العقد الأخير من حياته، والتهاب في المعدة أصيب
به منذ تشرين الأول/أكتوبر 2003. وفي السنة الأخيرة من حياته تم تشخيص جرح
في المعدة وحصى في كيس المرارة، وعانى ضعفاً عاماً وتقلباً في المزاج،
فعانى من تدهور نفسي وضعف جسماني.
تدهورت الحالة الصحية للرئيس الفلسطيني عرفات تدهوراً سريعاً في نهاية
تشرين الأول/أكتوبر 2004، قامت على إثره طائرة مروحية بنقله إلى الأردن ومن
ثمة أقلته طائرة أخرى إلى مستشفى بيرسي في فرنسا في 29 أكتوبر 2004.
وظهر الرئيس العليل على شاشة التلفاز مصحوباً بطاقم طبي وقد بدت عليه
معالم الوهن مما ألم به. وفي تطور مفاجئ، أخذت وكالات الانباء الغربية
تتداول نبأ موت عرفات في فرنسا وسط نفي لتلك الأنباء من قبل مسؤولين
فلسطينيين، وقد أعلن التلفزيون الإسرائيلي في 4 نوفمبر 2004
نبأ موت الرئيس عرفات سريرياً وأن أجهزة عرفات الحيوية تعمل عن طريق
الأجهزة الإلكترونية لا عن طريق الدماغ. وبعد مرور عدة أيام من النفي
والتأكيد على الخبر من مختلف وسائل الإعلام، تم الإعلان الرسمي عن وفاته من
قبل السلطة الفلسطينية في 11 نوفمبر/تشرين الثاني 2004.
وقد دفن في مبنى المقاطعة في مدينة رام الله بعد أن تم تشيع جثمانه في
مدينة القاهرة، وذلك بعد الرفض الشديد من قبل الحكومة الإسرائيلية لدفن
عرفات في مدينة القدس كما كانت رغبه عرفات قبل وفاته.
موت طبيعي أم اغتيال
تضاربت الأقوال كثيرا في وفاة ياسر عرفات، ؟إذ يعتقد بعض الفلسطينيين
والعرب بأن وفاته كانت نتيجة لعملية اغتيال بالتسميم أو بإدخال مادة مجهولة
إلى جسمه، فيقول طبيبه الخاص الدكتور أشرف الكردي أن إمكانية تسميمه ".هذا
مع العلم أن أن الأطباء الفرنسيين بحثوا عن سموم في جثة عرفات بعد مماته
في باريس، وبحسب التقرير الطبي الفرنسي فقد وردت به أنه بعد الفحوصات
الطبية الشاملة التي كانت سلبية بما فيها دخول سموم للجسم .كذلك رجح بعض الاطباء من عاينوا فحوصاته الطبية ومنهم الاطباء التونسيين واطباء مستشفى بيرس المتخصصون بأمراض الدم
و يكون عرفات مصابا بمرض تفكك صفائح الدم وتجدر الإشارة أن زوجة الرئيس الفلسطيني السيدة سها عرفات
هي المخولة الوحيدة بحسب القانون الفرنسي بالافصاح عن المعلومات الطبية
التي وردتها من مستشفى بيرسي والاطباء الفرنسيين وهي لا زالت ترفض إعطاء
اية معلومات لاية جهة حول هذا الموضوع. ربما دخل السم عن طريق الشمعه التي
استعملها وقت الحصار
ياسر عرفات في السياسة العربية
تبنت منظمة التحرير بقيادة ياسر عرفات سياسة استقلال القرار الفلسطيني
،وكسب التعاطف العربي والدولي مع القضية الفلسطينية ،والوقوف بخط متوازي،
من الدول العربية والإسلامية ،في المقابل الدول العربية بشكل رسمي ،كانت
تعلن ،دعمها الكامل للشعب الفلسطيني.على الرغم من ذلك، كان لياسر عرفات في
حياته، محطات من الخلافات والعداءات، بينه وبين بعض الأنظمة، والتينظيمات
المدعومة من قبلها، وصلت حد الدخول معه في معارك وحروب دامية.في بداية
انطلاقة حركة فتح ،تبنى جمال عبد الناصر الحركة الوليدة ،وقدم لها كل دعم ممكن وقد ربطت ياسر عرفات علاقات متينة مع عبد الناصر ،وعندما نشبت الحرب بين التنظيمات الفلسطينية ،والجيش الأردني قام عبد الناصر بعقد الوساطات، لحل النزاع بين الطرفين في هذه الأثناء ،ضيق الملك الحسين الخناق العسكري على عرفات ،ومنعه من
الخروج من الأردن، لكن عرفات ،استطاع الخروج بمساعدة مصرية وسودانية ،على
الرغم من القصف الذي كاد أن يقتل فيه، وظهر فجأة في القاهرة لحضور مؤتمر
القمة، الذي عقد عام1970 وسط دهشة واستغراب من الملك حسين ،الذي كان حاضرا
في تلك القمة .وعندما توفي جمال عبد الناصر حزن علية عرفات، لدرجة ان وجهه امتقع وتغير لونه .
في الساحة اللبنانية ،استعر أوار الحرب الاهلية تحت مختلف المسميات
السياسية والطائفية ،وبدأت تعبث بلبنان قوى خارجية ،ووجد ياسر عرفات نفسه
متعاطفا مع قوى اليسار اللبناني ،وأخذت قوة المنظمة في التنامي في لبنان
،وقد جلب هذا مع عداء بعض القوى الوطنية للتوجد الفلسطيني وتمسك عرفات
باستقلال القرار الفلسطيني ،وعداء سوريا لعرفات التي كانت تخشى على نفوذها
في لبنان الوبال على المنظمة وقواتها، وقد توافق ذلك مع إرسال قوات عربية
في يوليو عام 1976، سميت بقوات الردع العربية كان على رأسها القوات السورية وكان غرضها كبح جماح الحرب الاهلية في تلك الفترة خاض عرفات ضد قوى لبنانية وأخرى فلسطينية معارضة ،كانت مدعومة من سوريا برئاسة حافظ الاسد ،حروبا طاحنة على الأرض اللبنانية، بدأت بمذبحة تل الزعتر التي ارتكبتها قوى يمينية لبنانية، ومن ثم الحرب التي شنتها فتح الانتفاضة لطرد القوات الموالية لعرفات من طرابلس والبقاع ،وأخيرا حرب المخيمات.كذلك
وقف عرفات على عداء مع النظام المصري في عهد السادات ،بعد أن اعلن السادات
في البرلمان وأمام ياسر عرفات ،عن استعداده للذهاب إلى الكنيست
الإسرائيلي ،للتفاوض مع الإسرائيليين ،هذا الخطاب احدث شرخ في العالم
العربي ،وكان ياسر عرفات من ضمن المعارضين لاتفاقيات كامب ديفد التي تمخضت
فيما بعد ،وعندما خرج أبو عمار من لبنان ،وعند مرور سفينته من قناة السويس نزل عرفات إلى الاراضي المصرية واستقبله الرئيس المصري حسني مبارك
وهو بذلك، يكون قد فتح فصلا جديدا من العلاقات مع مصر، التي عانت من
المقاطعة العربية على أثر ،توقيع اتفاقيات كامب ديفيد.في عام 1990 عندما
غزا الرئيس العراقي صدام حسين
الكويت ،حدث شرخ في السياسة العربية ،شبيه بما أحدثه خطاب السادات ،و اتخذ
عرفات موقفا مؤيدا لصدام حسين ،في حرب الخليج الأولى ،وهو الموقف ،الذي
جعل المنظمة، تخسر كثيرأعلى الصعيد العربي والدولي، وتعتذر عنه للحكومة
والشعب الكويتي
،بعد وفاة ياسر عرفات.إجمالا في هذا الباب يمكن القول ان السياسة العربية
عموما تعاطت بشكل ايجابي مع القضية الفلسطينية سيما بعد خروج ياسر عرفات من
لبنان فمكن ذلك ياسر عرفات من عقد سلسلة من المؤتمرات والخطابات والقرارات
التي ايدتها الدول العربية وان كان ذلك بتحفظ البعض منها
يشار الى ان احد المختبرات الفرنسية اكتشف مادة سامة في مقتنيات الراحل من
مادة البولونيوم مما يحيل على احتمال تسميم الرئيس الراحل اوعمار
شخصية الاسبوع : أبو عمار بطل في ذاكرة الرجال
Lemondepress
5 of 5
لوموند : ياسر عرفات (24 أغسطس 1929- 11 نوفمبر 2004)، سياسي فلسطيني ورمز لحركة النضال الفلسطيني من أجل الاستقلال. اسمه الحقيقي محمد ياسر ...