أمريكا وخاتم الأنبياء شر الزمان المستطير

لومــــــوند : محمد وزين
تناسلت الأسئلة بعد الاتفاق النووي بين إيران والغرب، جلها عربية، للمصالح فيها حيز كبير، لكن أخطرها يتصل بالمصير، فأين العرب من صفقة الغرب وإيران؟ وقبل ذلك وبعده أين السعودية بعجزها المتعدد العناوين ؟ ففي العراق، كانت لها اليد الطولى في تمزيقه بعد رحيل صدام المهين عن لائحة الأشقاء، شأنه شأن سوريا التي جنت ثمار حنظل زرعتها الطائفية الوافدة من دول الجوار ، كما انتفلت من فلسطين هذه البقعة الحمراء في ثبان عروبتنا المتسخ ، و ترهل نفوذها في لبنان الذي كثرث فيه الأنصبة و مساهمتها المباشرة في فوضى مصر بدعمها انقلاب الخَلبوص الشهير، فأصبح للكل نصيب فيها بالمال والسلاح أما الرجال فأمرهم هين .لتشتري تحالف الأرذال بالكاش فخربت صواريخ العروبة والمقاتلات القادمة من أقاصي الذل أرض اليمن الكالح، لتأمين عورتها المكشوفة ، بعد تورّطها مع الأميركيين بغضها الطرف عن الحوثيين نكاية في تنظيم القاعدة الذي تقوت شوكته بغير قصد بعد تحالفه مع معظم القبائل ضدّ الحوثيين،لكن تغيرت المحاسيب ، وتدفقت المشكلات الى وصيدها ،فبعد انضمامها بمحض غباء الى عاصفة اخرى من عواصف التحرير، أصبح القضاء على حكم آل سعود المكتهل من أولويات تنظيمات متطرفة أنجبها سفاحا هذا النظام المعتل ، فالغباء المتوارث بين ملوك فاشلين وأمراء فاسدين ، أدى إلى اختلال التوازن الاستراتيجي في المنطقة لغير صالحهم ، فما لهؤلاء البدو وحروب سرية شرسة في منتهى السخونة ،تحمل مفاجآت غريبة في لعبة إقليمية بانت نهاياتها الحاسمة ؟ ومع صعود السديريين للحكم ،ومرض الملك سلمان طلت خلافات برؤوسها للعلن وطالبت بما تعتقد فكل أمرائها الكبارجية يدبرون بليل،مما سيخلف تطاحنا واغتيالات داخل الأسرة الحاكمة ،ومع تردي الوضع الاقتصادي والسياسي والاجتماعي ، فالمواطنون المملوكون أمامهم فرصة للتصالح مع نخوتهم ،ورفع رؤوسهم عاليا بعدما تحكمت فيها لعقود سيوف بغاة يحددون بكل نزق مواعيد الاحتضار. ترقبوا ما هو مثير إنه العرض الدموي القادم على ارض قريش. إن السعودية اليوم تتداعى بالسهر والحمى ،مستمرة بممارسة طقوس فتنة أطفأها الله من قديم ، جانحة للمكابرة ومجافاة الواقع ، كخيار لا واقعي انتحاري أفرزته أوهام عصابة سادية ، سيفضي إلى تسريع ضمور فضائها الاستراتيجي وانحساره في مرحلة أولى ، ثم انجذارها الذي لن يتوقف عند حدود رسمها الملك عبد العزيز لدولة بقيت حتى اللحظة استهلاكية، بطيئة الحركة ،غرقت في تبعية قاتلة رهنتها جملة للغرب . وفي ظل أوضاع سياسية قيد النظر ،بلغت من التوثر ذروتها بعد هيمنة التشدد الديني والإرهاب على المنطقة المأسوف على هويتها، تبصر الأمريكان أن الخطر القائم على مصالحهم في الشرق الأوسط هم السنة وليس الشيعة ،فعوض خلق إستراتيجية أكثر شمولاً تفرض توازنا جديدا بين المكونين ،كان حصاد الغرف المغلقة في فيينا قد تجاوز الاتفاق النووي إلى إسقاب إيران مقصومة الظهر و تنصيبها شرطيا جديدا في المنطقة ،ووضع ركائز ثابتة لتعديل خرائط المنطقة عبر تقطيعها عنصرياً وطائفيا وإعادة تقاسم النفوذ في عتمة الأمر الواقع، فيما يتبدى المشرق العربي في حال من التيه والوناء معطل القرار، يخوض في دمائه ويعيش حالة من الانقسام إلى حد النكاية والاحتراب، يكاد يستسلم لقدره كأسلاب للأقوياء . وحتى لا تعقد الحسابات فيتجاوز التوقع باب الاحتمالات تم تغليب صيغة التوازن على التصادم بين إيران وتركيا ،وإعطاؤهما مساحة أوسع للتدخل فيه وتقاسمه كمناطق نفوذ بمساحته الواسعة وضبط حدوده المتروكة للريح .أوباما في هذا الطرح ليس أوباما الشخص، ولكنه نضج الخبث الأميركي في المنطقة، والضرورة الملحة لإجراء تعديلات جوهرية في فكر واشنطن السياسي بعد إشهارها ورقة الحرب الاقتصادية التي تعودت عليها مع خصومها،ما افرز تحولا جيوسياسيا واستراتيجيا عميقا ونصرا راسخا في تقويض هواجس إيران النووية و إيذانا بجثوها تحت وصاية الغرب ، وهذه الجعجعة الإعلامية من اجل ذر الرماد في عيون المتنطعين ،وإخراج إيران منتصرة لكنها ستكون تحت وصاية الأمم المتحدة، خصوصا في قضايا العقوبات والتسليح والتفتيش ، فالغرب يدرك بالضرورة أن التنبؤ بالمستقبل يكون أكثر دقة عندما تفهم الماضي بصورة أفضل ، فكيف يضع سلاحا نوويا بيد نظام شمولي يعيش بالشعارات و يحيا بالصراعات ، و لا يستمر إلا بالنوائب ، تحكمه عصابات الفقيه و روزخون غامضون تبدأ الحياة عندهم بعد الموت وهنا مكمن الخطورة . لكن إيران المزهوة بتركيب أسنان البلاستيك النووية أمامها معضلات عديدة حد العصف بالنتائج المكتسبة بشق الأنفس ، فهناك معضلة الداخل الإيراني،فالوضع العام في إيران كارثي باعتماد اقتصاد المقاومة ، وتضاعف معدلات البطالة والكساد ورفض تجاوب النظام مع آليات حقوق الإنسان الدولية ،وعدم الالتفاف لمطالب مطحونين حول أوردتهم حبال مشدودة تسلب الروح في أي لحظة عزة ،ووضع الأقليات المثير للقلق واعتقال السياسيين والصحفيين والقضاة والمدونين والقساوسة وفقهاء السنة،وكل الذين ينحرفون عن الأخبار الرسمية وينتقدون مضاضة الملالي ،كلها أمور فجرت غضبا شعبيا اتجاه سياسة النظام الداخلية، ،بل حتى سياسته الخارجية، بإنفاق التريليونات على مشروع نووي صفرت وطابه ، وتدخله السافر في شؤون الغير وإثارة الفوضى والقلاقل، ووصلت الحال إلى إشهاره السيف بقوة، بعد صياعته أكثر من المقبول خارج حدوده ، بدعم الثورات وميليشيات متطرفة بغثاء، ظلت لعقود تدافع عن قضايا تجهلها. ثم معضلة التشبع بأيديولوجية تصدير الثورة وهوسها المحموم في إقامة هلالها الطائفي وإمبراطورية فارس الكبرى ، ما أبقاها معزولة عن محيطها العربي ،حيث العداء والحقد وحدود غير مستقرة ، تتحكم فيها أوضاع تاريخية أكثر من كونها موضوعية ، سيسعى جاهدا لنقضها حينما تتوافر له مصادر القوة الكاملة. ثم هناك معضلة لا تحتاج لذكاء كبير لكشف مغاليقها ،وهي تغيير السلوك الإيراني حيال المغتصب الإسرائيلي ،وليس بالضرورة الاعتراف به وإنما تهميشه في خطابها السياسي المنمق بشعارات دعائية فقدت بريقها، فعلاقة البلدين تضرب في عمق التاريخ حد الوميق بجذورها العفنة ، وبحسب المنطق الجوفي للمعضلة ،فإسرائيل لم ولن تكون عدواَ لإيران،طالما أن صواريخ الأخيرة موجهة ضد العرب . ثم هناك معضلة الإرهاب فإيران غير قادرة على اجتثاث الإرهاب من جذوره ،إلا إذا تدخل الغيب وفرض المستحيل وتحالفت مع باقي الجبهات السنية المتشددة ، لمواجهة فصيل آخر أشد وحشية وكراهية، كبدها من الخسائر ما لا تطيق . أما تهافت الغرب على الكنز المقفل في ارض فارس ،فهي عملية محبوكة الغزل لما بعد ضربة استرتيجية مراسبها الاستنزاف والنفس الطويل وأسلوب التفكيك المرحلي وإثارة النعرات بين القوميات المضطهدة ،وهو ما سيدق إسفين التمزق في صياصيهم المنيعة ، فالمرشد يحتضر من سرطان البروستاتا ،وحكومة روحاني هي أشبه بحكومة تصريف أعمال لا أكثر، ناهيك عن الدور الخطير لخاتم الأنبياء ،هذا الوحش المقيت الذي بغى فكره المنحرف على سياسة الدولة ودَفعٍه ببتيلة نحو التجييش على المستوى الداخلي بين المعتدلين و المتشددين ،مما سيقضي على أي فرص لإحراز تقدم سريع في شراكة السلطة آو توحيد المواقف بالمستويين الداخلي والخارجي، لتكتمل عناصر تفكك نسيج الدولة .إن الخيارات الإستراتيجية الخاطئة لإيران والسعودية جعلتهما خاسرتين حتى بنتيجة المقارنة ،ووضعتهما على حافة التحولات ما سيفرز انحرافا حادا و تغييرا جذريا، يتبلور منه شرق أوسط ممزق دخل بالكامل في دين أمريكا أفواجا . إنه زمن العار ، فمثلما داست البيادة الأمريكية البغيضة أرض الحرمين ،ستدوس أرض فارس ولو كره الإيرانيون .
أمريكا وخاتم الأنبياء شر الزمان المستطير lemonde.in 5 of 5
لومــــــوند : محمد وزين تناسلت الأسئلة بعد الاتفاق النووي بين إيران والغرب، جلها عربية، للمصالح فيها حيز كبير، لكن أخطرها يتصل بالمصي...
انشر ايضا على

عبر عن رأيك